شبابنا .. ونحن .. والعولمة

قبل اندلاع الثورة في 25يناير بفترة وجيزة كنت قد دخلت في نقاش مع بعض الزملاء والزميلات على الفيس بوك وتناولنا فيما بيننا قضية هامة كأولياء أمور لبنين وبنات في مرحلة الشباب والسؤال المحوري لتلك القضية.

هل اصبح دورنا كأباء وأمهات هامشيا مع الأبناء الى هذا الحد؟ بل هل اصبحنا غير قادرين على مواجهتهم ومجادلتهم بالتى هي احسن كما علمنا ديننا الحنيف ذلك ليحل محلنا القنوات الفضائية ولتتولى هي أمور فلذات أكبادنا لتغرس في عقولهم هذا الكم الهائل من المواد الهادفة وغير الهادفة ؟ومامدى هذا التأثير سلبا وإيجابا على عقول شبابنا وفتياتنا ؟

الأجوبة التى خرجت منا لم تكن مباشرة وواضحة وضوح الشمس واعتقد ان هذا هو السبب الرئيسي في اننا لم نكن على قدر المسؤولية تجاه الأبناء وفي اعتقادي ايضا انه لنفس السبب ربما لم نقنعهم بل الأحرى لم يقتنعوا بما أرضعناهم من قيم وعادات توارثناها لتكون بالنسبة لهم الحماية الأكيده لصد أي غزو فكري يواجهونه وبالتالى كان للجوئهم للسماوات المفتوحة من الفضائيات والمواقع خير انيس لهم بدلا منا وهم غير مدركين مايتلقونه في كثير من الأحيان من مخاطر جمة مما تبثه لهم تلك الفضائيات والتى تعد بلا أدنى شك ظاهره خطيرة تلوح في الافق من فن هابط وبرامج هشة خالية من كل القيم الانسانيه والهدف الأسمى هو تحريك الغرائز وتدمير الاخلاق وتفريغ الحفائض من النقود لمصلحة تجار الفضائيات ولهذا ارى أن انفصال الشباب عن الكبار في زمن العولمة كان في اعتقادي هو نتاج طبيعي جداً لهذه الحالة المتردية التي يعيشها مجتمعنا العربي والذي يعاني من حالات الاحتباس النفسي وعدم تفريغ قدراتهم في اشياء مفيده، لاشك ان عصر العولمة آتى بكل سيئ حتى وأن خالط بعضة الحسن ونحن الآن امام تحديات كبيرة فرضها عصر الإنفتاح علينا..

أنا شخصيا ارى أن الجواب الصريح للسؤال المطروح تحمل حلولا تكمن في ذات كل شخص..لأنه الوحيد من يستطيع تلبية نداء العولمة الفاحش من عدمة ..من خلال التسلح بالعلم والمعرفة والثقافة....وماعدا ذلك فلا حلول ممكنه تلوح في الأفق

اعتقد انه بعد قيام ثورة الشباب الصورة تكون قد اختلفت بعض الشيء .. فلابد ان نعترف ان ابناءنا هم اكثر منا حظا والدليل تلك الثورة المجيدة التي تحققت على ايديهم وليس على ايدينا نحن الآباء .. اختم مقالي هذا بفقرة هامة .. انه اثناء الثورة تلقيت عدة رنات على هاتفي الجوال حيث اقيم في دبي من زوجتى بالقاهرة فاتصلت بها ووجدتها منزعجة من تصرفات ابننا الكبير محمود وهو بالفرقة الثانية بالمرحلة الجامعية تشكو منه بانه يقضي الليالي في الشارع بينما ينام طوال النهار اغلقت الخط معها واتصلت به .. مالك يامحمود لماذا تقضى لياليك يابنى وانت تدري حالة الفوضى والبلطجة المفروضة على الأحياء الشعبية ونحن نقيم في الصين الشعبية كما يتردد على حينا في دار السلام .. جاء رد محمود أن خطباء وائمة المساجد طلبوا من شباب الحى ان يحموا أهلهم وذويهم من البلطجية .. وسألنى سؤالا لم أقوى على اجابته..

هل اذا كنت معنا كنت ستتركنا بلاحماية ؟ هذا هو حال شبابنا الذين تعلموا من الفضائيات ومواقع التواصل الإجتماعي الفيس بوك والتويتر أكثر مما تعلموه منا .. إذن فلا خوف عليهم من شيء خاصة إذا ما تطهرت كليا البرامج والأفلام والمسلسلات من السطحية التي احاطت بها طيلة السنوات الماضية والتي كانت لاترقى بأي حال من الأحوال بالذوق العام مع ابقاء كل البرامج الهادفة التي تعينهم نحو التقدم والإزهار وعدم السكون عن الحقوق والمكتسبات حتى تظل نداءاتهم ومطالبهم تدوى فوق روؤس الحكام والمسئولين بأن ثورة 25يناير هي البداية في حالة تقاعسهم عن خدمة هذا الشعب واولهم هؤلاء الشباب الذين علموا أن السماوات المفتوحة لايمكن ان تغلق عن شعوب العالم وفعلا مهما تباعدت بنا المسافات بالأميال فإننا نعيش في قرية صغيرة